أنا هنا لا أقوم بعمل إعلان عن نبيذ الجرائم الـ19 . فقط أسرد قصة تاريخية من الواقع.
في بريطانيا بالقرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، كان النظام القضائي صارمًا للغاية. وكانت العقوبات قاسية حتى على الجرائم البسيطة. بدلاً من الإعدام لكل الجرائم، ظهرت فكرة “النقل” (Transportation) كعقوبة بديلة: يتم إرسال المجرمين إلى مستعمرات بعيدة (وأبرزها أستراليا) كنوع من العقاب والعزل الاجتماعي.
كانت هناك 19 جريمة محددة إذا ارتكبها الشخص، يُحكم عليه بالنفي إلى أستراليا، بدلاً من الإعدام. هذه الجرائم كانت تتراوح بين سرقة بسيطة إلى جرائم مثل التزوير أو الحرق العمد.
من بين هذه الجرائم مثلاً:
– سرقة الأموال أو السلع
– انتحال الهوية
– تزوير الوثائق
– السرقة الكبرى
– الحرق العمد
– إلحاق ضرر بالممتلكات
– الهروب من السجن
بمعنى آخر: لو ارتكبت واحدة من هذه الجرائم الـ19، قد تجد نفسك على سفينة متجهة إلى عالم مجهول على الطرف الآخر من الأرض!
كيف ارتبط هذا بالنبيذ؟
شركة النبيذ الأسترالية Treasury Wine Estates (التي تملك أيضًا ماركات مثل Penfolds) أطلقت في عام 2012 علامة تجارية للنبيذ تُسمى 19 Crimes. الفكرة كانت ذكية جدًا:
أرادوا تكريم وتمجيد الروح التمردية لأولئك “المجرمين” الذين نُفوا إلى أستراليا، لكنهم بعد ذلك ساهموا في بناء مجتمع جديد هناك.
الزجاجات نفسها تحمل صورًا حقيقية لبعض هؤلاء المنفيين.
كل زجاجة تحكي قصة شخص حقيقي نُفي بسبب إحدى هذه الجرائم الـ19.
ولزيادة الإثارة: أطلقت الشركة تطبيقًا للهاتف (19 Crimes App)، بحيث لو وجهت كاميرا هاتفك على وجه أي مجرم في الزجاجة، يتحرك ويبدأ يسرد لك قصته بصوته الخاص، وكأنه شبح من الماضي يحكي كيف انتهى به الحال في أستراليا!
ماذا عن أنواع النبيذ؟
نبيذ 19 Crimes يشمل عدة أنواع، مثل:
– Red Blend (خليط من عنب أحمر)
– Cabernet Sauvignon
– Shiraz
– Hard Chardonnay
– The Uprising (نبيذ معتّق جزئيًا في براميل رم)
وغيرها…
كل نوع نبيذ يتم ربطه بشخصية من المنفيين، مما يضيف عمقًا وقصة وراء كل كأس.
ملخص الفكرة العامة:
النبيذ ليس مجرد مشروب، بل تجربة غارقة في التاريخ.
نبيذ 19 Crimes يحكي عن معاناة وتحول، عن بشر “مجرمين” بحسب معايير زمنهم، لكنهم أصبحوا روادًا في قارة جديدة.
الـ19 جريمة التي كان يُحكم بسببها على الأشخاص بالنقل إلى أستراليا:
1- سرقة المال أو البضائع بمبلغ أقل من شلن واحد.
2- سرقة المال أو البضائع بمبلغ يزيد عن شلن واحد.
3- شراء أو استلام سلع مسروقة، مع العلم أنها مسروقة.
4- حرق ممتلكات عمومية أو خاصة.
5- محاولة قتل بواسطة السم.
6- قتل شخص أثناء ارتكاب جريمة سرقة.
7- تزوير الأوراق المالية أو استخدام أوراق مالية مزورة.
8- سرقة الأوراق أو الوثائق القانونية.
9- انتحال شخصية الغير أو استخدام هوية مزورة.
10- هجوم عنيف أدى إلى إصابة جسدية خطيرة.
11- سرقة الحيوانات (مثل الخيول أو الماشية).
12- تخريب السفن أو محاولة إغراقها عمدًا.
13- سرقة منازل أو مبانٍ.
14- سرقة من العربات أو عربات النقل.
15- سرقة من المتاجر أو المستودعات.
16- سرقة من الأنهار أو المرافئ أو القنوات.
17- الهروب من السجن.
18- القيام بتمرد داخل السجن.
19- محاولة تهريب أدوات أو رسائل لمساعدة السجناء على الهروب.
كما تلاحظ، بعض هذه الجرائم قد تبدو بسيطة جدًا لنا اليوم، مثل سرقة شيء زهيد أو شراء سلع مسروقة دون أن تشارك في السرقة نفسها!
لكن في تلك الأيام، العقوبات كانت صارمة جدًا، خاصة مع ازدحام السجون البريطانية.
ولذلك بدأت الحكومة البريطانية بترحيل آلاف الرجال والنساء والأطفال إلى مستعمرات بعيدة — وكانت أستراليا هي الوجهة الرئيسية. لماذا أستراليا بالتحديد؟ لأنها كانت في ذلك الوقت مستعمرة جديدة نائية جدًا، ويُعتقد أنها كانت تحتاج إلى عمالة للمزارع والإنشاءات. ومن هناك بدأ تاريخ أستراليا الحديث يتشكل، وكان جزء كبير من سكانها الأوائل “مجرمين” وفقًا للقانون البريطاني.
بعض الشخصيات الحقيقية الذين ظهروا على زجاجات نبيذ 19 Crimes، ومع قصصهم المختصرة:
1. John Boyle O’Reilly
من هو؟ شاعر وصحفي أيرلندي.
قصته: كان جنديًا انضم إلى حركة “فينانز” الثورية الأيرلندية ضد الحكم البريطاني. قبض عليه وتم نفيه إلى أستراليا بتهمة التآمر المسلح.
ماذا حدث لاحقًا؟ هرب إلى أمريكا وأصبح من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان والأدب هناك.
2. James Wilson
من هو؟ متمرد أيرلندي آخر من حركة الفينانز.
قصته: شارك في محاولة ثورة في أيرلندا ونُقل إلى أستراليا كسجين سياسي.
ماذا حدث لاحقًا؟ كتب رسائل مؤثرة عن الظلم الذي تعرض له هو وزملاؤه، وساعد في إثارة الرأي العام العالمي ضد معاملة السجناء السياسيين.
3. Jane Castings
من هي؟ خادمة إنجليزية فقيرة.
قصتها: اتهمت بسرقة ملابس وقطع بسيطة من منزل مخدومتها. رغم بساطة الجريمة، حُكم عليها بالنقل إلى أستراليا.
ماذا حدث لاحقًا؟ عاشت هناك حياة صعبة ولكن مستقرة مقارنة بفرصها الضئيلة في إنجلترا.
4. Catherine Hayes
من هي؟ مغنية أوبرا أيرلندية مشهورة لاحقًا.
قصتها: (لاحظ أن هذه الشخصية مستلهمة بشكل أدبي أكثر من كونها محكومة مباشرةً) لكنها مرتبطة برمزية “المرأة الأيرلندية” التي خرجت من الفقر والعقاب إلى الشهرة.
5. Michael Harrington
من هو؟ لص صغير السن.
قصته: سرق شلنات قليلة من متجر صغير. حُكم عليه بالنقل، ووصل إلى أستراليا طفلًا.
ماذا حدث لاحقًا؟ أصبح مزارعًا ناجحًا وامتلك أرضًا لاحقًا، مما يعكس التحول الكبير الذي حصل لكثير من المنفيين.
فكرة جميلة إضافية:
بعض زجاجات 19 Crimes مخصصة لنبيذ النساء فقط!
هناك سلسلة اسمها “The Warden” و**”The Banished”** وغيرها، تحتفي بنساء منفيات ومتمردات كذلك.
ملاحظة:
الشخصيات ليست كلها منفيين مجرمين تقليديين، بل كثير منهم كانوا متمردين سياسيين أو فقراء اضطروا للسرقة.
روح العلامة التجارية 19 Crimes تركز على “التحدي والتمرد والبقاء”، بدلًا من الخجل من الماضي.
اضف تعليق