ما تحتاج أن تعرفه إذا كنت تهتم بشخص لديه عُسر القراءة (Dyslexia)
إذا كنت محظوظًا بما يكفي أن تعرف وتهتم بشخص لديه عُسر القراءة، فالنقاط التالية قد تساعدك على فهمه بشكل أفضل، وأيضًا تساعده على فهم نفسه.
قد لا يكونون جيدين في التذكّر
هذا ليس لأنهم لا يهتمون، بل لأن عقلهم المميز يميل إلى الاحتفاظ بكل شيء في نفس الوقت. تخيّل رأسًا مليئًا بالفقاعات، كل فقاعة تحتوي على أفكار إبداعية وحماسية كثيرة. هذا يجعل من الصعب ترتيب الأولويات، وبالتالي تُنسى بعض الأشياء.
وسيلة بسيطة لتتبع الحياة والأحداث هي كتابة الأمور: ملاحظات لاصقة، دفتر مواعيد، أو يوميات. مجرّد فعل الكتابة أو الرسم يساعد على تثبيت الشيء في الذاكرة، حتى لو لم يتذكروا تمامًا ما هو، فهم يعرفون أين يبحثون عنه لاحقًا.
يمكن أن يشعروا بالإرهاق بسهولة
يحتاج الشخص المصاب بعُسر القراءة إلى حوالي خمسة أضعاف الطاقة ليعيش في عالم يعتمد على التفكير الخطي. فهم غالبًا يقارنون أنفسهم بما يعتبرونه “طبيعيًا”، لكن الحقيقة أنهم يعالجون العالم بطريقة مختلفة تمامًا. مختلفة وليست خاطئة.
في العادة هم “مفكرون بصريون” يرون العالم كما لو كان صورًا واقعية، أي أنهم يعالجون كميات هائلة من البيانات البصرية ليفهموا ما يرونه ويشعرون به. وهذا يمنحهم القدرة على رؤية الروابط التي قد لا يلاحظها الآخرون.
قد يجدون صعوبة في العثور على الكلمات الصحيحة
عقلهم البصري قد يصعب عليه أحيانًا التقاط كلمة محددة، لأن القصة تدور في أذهانهم كفيلم. لذلك قد يصفون اللون أو الشكل أو معلمًا مميزًا بدلًا من تذكر الكلمة نفسها. مثال واضح: أسماء الشوارع. قد ينسون الاسم لكنهم يستطيعون وصف المكان بدقة شديدة.
قد يكونون حسّاسين للضوء أو الصوت أو الحرارة أو الملمس
حواس الشخص المصاب بعُسر القراءة غالبًا تكون حادّة جدًا. كل شيء (الصوت، الضوء، الحرارة، الملمس) يدخل بنفس الشدة، وغالبًا من دون “فلتر” كافٍ. فلا تستغرب إذا واجه صعوبة في التركيز على كلامك بينما التلفاز يعمل أو هناك أحاديث كثيرة من حوله.
كل ما يسمعونه يرتبط بشكل لا شعوري بما يعرفونه مسبقًا، وهذا يتطلّب جهدًا ذهنيًا ضخمًا. لذلك قد يفوتهم بعض التفاصيل. ليس لأنهم لا يستمعون، بل لأنهم يحاولون جاهدين ألا يستمعوا لكل شيء دفعة واحدة.
مكان عمل مفتوح ومليء بالضوضاء والمقاطعات مع تكييف مزعج هو أسوأ سيناريو لهم. قد تساعد سماعات كاتمة للضوضاء، لكن إذا لم يدركوا حساسيتهم هذه فقد يشعرون بانهيار عصبي. عندما يطلبون منك عدم مقاطعتهم، فهم في الحقيقة يحمون أنفسهم.
يجدون صعوبة في التغيير
الأشخاص المصابون بعُسر القراءة أذكياء جدًا في الغالب، بمعدل ذكاء عادي أو فوق العادي. لكن ذكاءهم جعلهم يبتكرون استراتيجيات خاصة للتعامل مع المواقف الصعبة. عند حدوث تغيير، هذه الاستراتيجيات لا تعود نافعة، فيحتاجون لابتكار استراتيجيات جديدة، وهذا يتطلب وقتًا وطاقة.
لذلك يقاومون التغيير أحيانًا، وقد يبدو هذا سلوكًا مسيطرًا. يحتاجون إلى المحاولة عدة مرات قبل أن يتقنوا شيئًا جديدًا، لكن حين يفعلون – يبدعون فيه. دعهم يطرحون الأسئلة قدر ما يحتاجون. لكن إذا شعروا بأن أحدًا يسخر منهم أو ينزعج من بطئهم، فإنهم قد ينسحبون ويدخلون في قلق شديد.
قد يكونون غير منظمين… أو مفرطي التنظيم… أو الاثنين معًا
قد يبدو غريبًا، لكن هذا صحيح. قد يعرفون تمامًا مكان أغراضهم في مساحتهم الخاصة، لكن إذا لم يقرروا مكانًا محددًا لشيء ما، فلن يعرفوا أين يجدونه.
أفضل طريقة لتفادي التوتر هي وضع الأشياء دائمًا في نفس المكان. هذا يتطلب انضباطًا لكنه يوفر الكثير من الإزعاج لاحقًا. تنبيه مهم: لا تنقل أغراضهم من مكانها من دون إذنهم. لأن هذا قد يثير قلقًا كبيرًا لديهم.
جهاز عصبي في حالة تأهّب
كثير من المصابين بعُسر القراءة مرّوا بسنوات دراسية صعبة، مما جعل جهازهم العصبي مهيأ لردود أفعال قلق وخوف (هروب أو قتال). هذا يجعل التعلّم أو الشعور بالأمان أمرًا صعبًا.
أفضل مساعدة لهم هي مساعدتهم على بناء “منطقة أمان” حيث يشعرون بالهدوء، بعيدًا عن حالة التأهّب المستمرة. معظمنا يعتبر هذا أمرًا طبيعيًا، لكن بالنسبة لهم قد يكون من الصعب جدًا الوصول لهذا الشعور.
ملاحظة حول البيئة
بسبب حساسيتهم، يحتاجون لبيئة مناسبة للعيش والعمل. كما ذكرنا، الأماكن المفتوحة والمليئة بالمقاطعات تشتت انتباههم وتجعلهم يبدأون العمل من جديد مرارًا.
الضوضاء تجعلهم متوترين، والحرارة غير المناسبة أيضًا. لذلك يحاولون دائمًا ضبط الجو ليكون “مناسبًا تمامًا”. وقد ينسحبون أحيانًا بحثًا عن هدوء، وهذا ما ينبغي أن يُسمح لهم به.
بعض نقاط قوتهم…
هؤلاء الأشخاص المميزون، المبدعون، الفريدون، يملكون نقاط قوة رائعة غالبًا لا يدركون قيمتها لأن المجتمع لا يقدّرها بما يكفي. لكن هذه الصفات تجعلهم بشراً عظماء:
-
مبدعون
-
بديهيون
-
مبتكرون
-
مثابرون
-
ملاحظون
-
خياليون
-
متعاطفون
-
بارعون في التواصل
-
يفكرون بطرق غير تقليدية ويرون الصورة الكبيرة
-
لديهم مهارات منطقية قوية
-
بارعون في الفهم الشفهي
الشخص الذي في حياتك ربما مرّ بطريق صعب خاصة في التعليم، وهذا أثّر على ثقته بنفسه. لكن التجارب نفسها جعلته شخصًا وفيًا، بديهيًا، وحساسًا. ركّز على نقاط قوته. أخبره بما يجيد. استمع له لتفهمه، لا لترد عليه.
لقد أمضوا حياتهم يسمعون عن عيوبهم ونواقصهم. كما نحرص على وضع النبات في المكان المناسب لينمو، علينا أن نمنح أحبّتنا من ذوي عُسر القراءة البيئة المناسبة. ببساطة: أحبّهم كما هم. فهم لا يحتاجون إلى “إصلاح”، بل إلى القليل من التفهّم الذي يصنع فارقًا كبيرًا.
اضف تعليق